فيش و تقفـ .. أحم ، تشبيه !!


اليوم كنت في رحلة مريرة من أجل أستخراج صحيفتى للحالة الجنائية أو كما يشاع (فيش و تشبيه) ، وكانت رحلة مريرة حقاً ، فمسألة الصحيفة المميكنة هذه آفه حكومية جديدة لا أجد لها مبرراً واضحاً ، غير أن النموذج الجديد هذا أسعد كثيراً من الأشخاص الذين أصابهم الحبر العادي بحساسية الصوابع ..

طبعاً معظم أقسام الشرطة محروقة ، و بالتالي فالضغط شديد جداً علي قسم شرطة واحد فقط في منطقتنا ، و كان قسم الدقي الذي وقع عليه أختياري ، قسم العجوزة لم يعمل بعد بالفيش المميكن ، و الفيش العادي يستغرق خمسه أيام الآن - ثورة بقي - ، و الفيش المميكن يستهلك يومان فقط ، و بما إني مستعجل فكان علي الوقوف في هذا الطابور الذي ذكرني نسبياً بحالة الأستفتاء المقربة لقلبي ، لكنه هذه المرة بات طابوراً مريراً ، فهناك توتر واضح جداً في العلاقة بين رجال الشرطة و المواطنون ، و كأن بينهم (تار بايت) ، و الكل بيتلكك لبعضه ، فهناك بعض مثيري المشاكل بلا سبب ، و هناك مثيري المشاكل بسبب ، و أنا وجدت نفسي أنحشر في المنتصف ، محاولاً أمتصاص غضب العض و فاقداً السيطرة في أحيان أخري ، و لكن فجأة بلا سابق أنذار أزدحمت ساحة القسم ، و علي صوت أنثوي مريب ، و تبعه صوت محشرج ذكوري عنيف لضابط شرطة يحاول التهجم علي الفتاة التي لا حول لها و لا قوة ، لقد سمعتها تنعته بالـ (كلب) ، و تصيح كأن مبارك لم يتنحي (أنا هاعرفك أنت بتكلم مين! ) .. و تذكرت آخر مرة سمعت فيها هذه الجملة ، ربما منذ أربعة أشهر علي ما أعتقد ، و تعجبت جداً بعدها من تهور الضابط الشاب الذي بات يطاردها في أرجاء القسم و هي تعدو كالغزال الجريح و الذي لا يجد من يدافع عنه ، فتدافع المنتظرين خارج القسم ، و تشائمت بشدة ، و قلت هل سأشهد حريق قسم الدقي ، لكن سرعان ما سيطر علي الدربكة المريبة هذه بعض أمناء الشرطة ذوى الخبرة و فجأة لم أجد السيدة ذات الصياح و لا الضابط ، ولا أدري إلي أين ذهبا وسط الهرج و المرج ، ربما إلي غرفة المأمور .. ما علينا ، لكن ما تطاير لمسامعي بعدها أن الضابط هو من سبها في البداية ، ولا أدري أصلاً هل هذا صحيح أم لا .. لذلك لن ألق باللوم علي أحد إلا أني سأقول أن حقاً الشرطة و الشعب لم يلتئم بعد الشرخ الذي يفصلهم بعنف و يدخل الوطن في دائرة شائكة من الأنفلات الأمني ..

لنعد لموضوع الفيش ، الموظفات الائي يقمن بأخذ البصمة في غاية البطء في التعامل مع الحاسوب ، فكدت أسمع صوت الموظفة وهي تقول (هو حرف الفيه فين) ، و هي تسجل إسمي علي الكومبيور أمامها ، و أتذكر كم كنت أنا بنفسي سريعاً في ماء الأستمارات الورقية التي لا تستهلك سوى دقيقة واحدة و ليس أربع ساعات من الأنتظار من أجل أن أتسلم الفيش يوم السبت ..

ثاني شئ لفت أنتباهي هو سعر الصحيفة الجديد المبالغ فيه ، 15 جنية .. اييييييييييييه .. ايه 15 جنية دي ؟ ، الفيش القديم كان بـ 4 جنية العادي و 6 المستعجل ، الفرق الـ9 جنية دي ليه ، ولا الشرطة مرتباتها تزيد علي قفا الشعب ..

مغامرة الفيش اليوم ذكرتني بالفترة التي كنت فيها أقوم بجمع أوراق تجنيدي ، كان الفيش أيضاً هو أ:ثر الأوراق مشقة في المشوار حينها ، و لعلمي ذلك من زملائي الذين تقدموا بأوراقهم في النصف الأول من العام ، فقمت بعمل الفيش في وقت مبكر حتى أتجنب الوقوف في طابور العيش .. يوه قصدي الفيش ، و بعدها فوجئت بأن مندوب التجنيد يقوم بعمل فيش آخر ، و هنا أود أن أقترح ، أليس من الممكن أن نكتفي بفيش واحد فقط ، و أعلم أن هناك من سيقول ، الأول فيش جنائي ، و الثاني فيش عسكرى ، و لكنهما في النهاية - الأثنان - أوراق حكومية ، أليس من المفترض أن يكون هناك تعاون ما بين الجهتان - الداخلية و الدفاع - بدلاً من التكدير المتعمد حتى لأصحاب الأعفاءات ..

و عن مصر التي لن تتغير فالواسطة ما زالت ذات نفوذ كبير ، و كذلك أفتعال العبط ، كما أحب أن أطلق عليه ، أنك تلاقي واحد عمل عبيط ووقف في الطابور وخلاص ، و أنت حاسس أنه واقف غلط ، و تكتشف أنه في الآخر .. عامل عبيط عشان يمشي أسرع ..

مشوار الفيش الكئيب هذا خرجت منه بكمية لا بأس بها من الأستنتاجات ، أهمها ، أن الشعب المصري ما زال علي قطع الكثير في مسألة التغيير الحقيقي و أحترام الآخر ، حتى لو كان هذا الآخر هو من قام بتسفيه صوته يوماً من الأيام ، فنحن الآن نبني مصراً جديدة في عهذ جديد ..

و السلام ختام يا .. لهوي ..

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

أول عيد ميلاد في الغربة

رهف: لله مصير من سلك دربك .. صرخة أنثوية مرتفعة الصدى في وجه المجتمع.

مكتبتي #1 : الليالي الهادئة .. ميسلون هادي