ماذا لو لم يكن هناك نور من الأساس !!
أحيانا ما تكشف لنا الكتابة عن دواخلنا الخصبة بالأفكار والآراء، وترشدنا لدرب من الحياة لم يقدر لنا الحظ العسر أن نسلكه من قبل لولا روعة وبهاء وطهر تلك اللحظات التي يتراقص القلم بين أصابعنا وبقع الحبر التي يطبعها على الأنامل التي تفر الأوراق بحثاً عن النهاية التي سنقصها بأنفسنا. مكتشفين روائع دواخلنا عبر الكتابة.
عندما كنت وعلى مدار ثمان سنوات أخط أحداث روايتي الثانية "سما" أعدت اكتشاف العلاقات الرومانسية بوجه عام وعلاقة يوسف وسما بوجه خاص، لقد عايشت الثنائي لفترة كبيرة من الزمن جعلت من أي قصة حب أخرى ضرب خدعة بصرية، ثمان سنوات وأنا اكتشف معان للحب واللوعة والوجد والشرود التام بين يوسف وسما..
وفي خضم هذا التعارف البيني، اكتشفت مصطلح المنطقة العمياء في العلاقات، يوسف وسما في كل صباح يتبادلان الأدوار ليراقب كل منهما الآخر دون أن يتدخل ويعترف للآخر بحقيقة مكنون مشاعره، كل منهم يكتفي بأن يعيش الحب في خياله، يكتفي ان يكون في منطقة الآخر العمياء لأسباب كثيرة، ليجد مبرراً للفشل، أو مبرراً للنجاح.
في الفترة السابقة تناقشت مع بعض الأصدقاء المقربين عن كينونة المنطقة العمياء في العلاقات وسبب تفضيل البعض البقاء فيها لفترة طويلة. وحصلت على إجابات متباينة سأحاول تلخيصها.
السبب الأول:
نص العمى ولا العمى كله
هكذا قال أحد أصدقائي نصا، ماذا لو كانت المنطقة العمياء هذه أفضل من الضياء، ماذا لو كان الضياء المنتظر مجرد سراب لن ينه العمى هذا ولن يضع له حداً. لأسباب كثيرة، فالسراب خداع، ربما تخدعنا مشاعرنا، ربما ننخدع في مشاعر الطرف الآخر الذي ربما لا يكن لنا ذات المشاعر، أو اننا نقرأ التصرفات والعلامات بصورة خاطئة.
السبب الثاني:
نقطة التوقف عن الحياة.
أغمض عيناك الآن، تخيل انك واقف أمام هذا الشخص الذي وصل بك لحد الهوس، لتخبره انك معجب به، أنك تريد ان تكمل حياتك معه، هذا الخوف وتلك الرهبة وذاك العنف الذي يدق به قلبك، ثم تلك الرجفة القاسية التي تتملك من كل كيانك، ثم هذا الظلام المفاجئ..
الخروج من المنطقة العمياء يجعل الحياة تقف لثانية .. الخوف ..
السبب الثالث:
ما بعد الضياء. ظلام .. ربما
جاستين هو بطل مسلسل سيت كوم أمريكي قام بتوظيف نيكي ووقع في غرامها لمدة عامين كاملين لم يصرح لها بحبه رغم ان الكل يرى هذا واضحاً على ملامحه، فقط لأن قلبه لن يتحمل احتماليه رفضها ..
تماماً كفرضيه القطة الخاصة بشرودنجر.. وهي في شرح مبسط، عندما نحبس قطة في صندوق مع عنصر مشع، هناك احتمال ان العنصر المشع يصدر اشعاعه ليقتل القطة، وهناك احتمال انه لا يصدر آشعته السامة ولا تموت القطة، هناك احتمالية لحياة القطة وموتها طالما الصندوق مغلق بنسب متساوية، لكن بمجرد فتح الصندوق، فهي النهاية إما الموت أو الحياة.
السبب الرابع:
الأبعاد الاجتماعية ..
هذا سبب قاتل حقاً، الوجاهة الاجتماعية التي يبحث عنها الجميع، أعرف صديقاً ذهب لخطبة جارته، هم يعلمون حسن تربيته وحسن خلق أهله، لكن الرفض جاء بسبب مهنته، الوجاهة الاجتماعية الحمقاء.
أعرف بعض الأطباء يرفضون الزواج إلا من فئة الأطباء أو المهندسون ..
هذا كله له تأثير بليغ على اتخاذ القرارات التي تخرج البعض من الدائرة والمنطقة العمياء صوب النور، ماذا لو لم يكن هناك نور من الأساس.
ماذا لو لم يكن هناك نور من الأساس حقاً !!!
تعليقات
إرسال تعليق