ذكريات في الغربة 2
بعدما فاض صندوق ذكرياتي بما لديه منذ أيام .. ها هو يعلن عن نفسه مجدداً ..
1
هذه الذكرى احتفظ بها مع واحد من أعز أصدقائي، بالتأكيد هذا اليوم لم يكن وحده معي ، فكنا عشرة علي ما أذكر، لكن ذكرى رحلة البحث عن ساندوتشات هذه لم يخضها سواي و محمد وفاء الدين ، أنا و محمد أعتقد أننا كنا أصدقاء مقربين جداً ، و لولا ابتعادنا فترة الدراسة الجامعية لصرنا أقرب مما كنا حينها ، فيكفي أن من خلال وفائي - كما يطلق عليه الجميع - تعرفت الي حسام معتوق و محمد عبد الحي ، و هما من أفضل و أقرب أصدقائي لنفسي خلال الست سنوات الماضية ، ربما نعد أنفسنا أقرب ما يكون للأخوة .
كنا ننظم رحلة لحديقة الفسطاط، المرحلة الإعدادية علي ما أتذكر، و أتذكر حينها أن ساندوتش الفول الذي أشتريناه حينها كان لا يزال فقط بخمسة و ثلاثون قرشاً ، كسعر سياحي :) كان أقل سعراً في بعض الأماكن .
خرجت مع وفائي من الحديقة بحثاً عن مطعم نجلب منه الطعام ، فإذا بنا نتعثر في هذا المطعم الذي يصاب صاحبه بفرحه مربكة و هو يسمع أمامه شابان يخبرانه بطلب غريب ، 30 سندوتش فول و 20 طعمية .. كانت الأرقام بالنسبة له معجزة حسابية ، أرغمته علي تسوية أقراص طعمية جديدة، و التركيز لإنهاء الطلب بسرعة غير معهودة. عدت مع وفائي و معنا خمسون ساندوتش و لم ندفع إلا 17.50 جنيهاً فقط .
كل ما أتذكره من هذه الأيام الآن ، هي حادثة الخمسون هذه و أن اليوم كان ممتازاً ، و لكني لا أتذكر كيف كان ممتازاً .
وفائي .. لا أظنك في حاجة لأخبرك كم أنا فخور بكونك أحد أعز أصدقائي
2
كنت في العام الثالث للدراسة علي ما أذكر ... و حضرت عرض مسرحي علي مسرح فيصل ندا بشارع القصر العيني ، المسرحية كانت بالنسبة لي وسيلة لأكتشاف موهبة عظيمة لدي أحد أصدقائي ، أتمنى أن تعود علاقتنا لسابق عهدها ، و أنا فخور جداً أن الكلية عرفتني علي أشخاص علي شاكلته، محمود طلبه هو من أكتشفت أن له موهبة تمثيلية عظيمة، من يقف علي المسرح و يصرخ و يلطم زميلته بهذه الراعة لهو بحق ممثل ممتاز .
اتذكر هذا اليوم لم يكن جيداً علي عدة مستويات ، لكن عرض طلبه الشيق جعل كل لحظاتي السيئة يومها تعود أدراجها و يتبقى فقط الذكرى الجيدة لهذا اليوم ، طلبة كان يلعب دوراً غريباً نسبياً لكنه بحق أبدع فيه بصورة ملفتة للنظر ، ربما ستعيدنا الأيام لهذه الذكريات إن قررنا أن نتقابل مرة أخري و هذا شئ بالتأكيد كلي شوق ليحدث .. طلبه من الأشخاص الذين تركوا تأثيراً بحياتي علي نحو ما ، و علي طريقه تفكيري في أمور معينه و فخور بصداقته اتمنى أن نتقابل من جديد عندما أعود للقاهرة ..
3
ثالث موقف اتذكره بوضوح هذا الأيام خاصة بعدما ذكرني به عمداً محمد يسري بعد نشري لذكرياتي الأولى التي استعدتها ها هنا ، كنا نستقل "عزيزة" ، و لمن لا يعرفها فهي سيارة والدي الفيات السماوي الـ 132 العتيقة ، نسلك الطريق للكلية يومياً من ميدان لبنان متسلقين كوبري 15 مايو متخذين مخرج التلفزيون لنسير بمحاذاة كورنيش النيل حتى وصولنا لفندق جراند حياة و منه للكلية ، الأمر سهل ، لكنه بالتأكيد معقد بسبب اللاسيولة المرورية التي تتميز بها القاهرة .
يومها ركضت عزيزة فوق الكوبري بما يقارب المائة كيلو في الساعة ، متجاوزة عدد لا بأس به من رجال الشرطة ، أمناء الشرطة و الضباط التي لم تتوقف رتبهم عن التزايد كلما أقتربنا من مخرج الكورنيش ، و أثناء اتخاذنا مخرج التلفزيون أعلم بوجود كسر في بدن الكوبري مما سيسبب مشاكل للسيارة ، فلابد من الإبطاء ، لأجد ضابط برتبة لواء يقف فوق الكسر بالضبط و يصيح و هو يعدو بمحاذاتي "أنت بتعمل اييييييه؟" .. لم نكن نستوعب ما يحدث لوهلة ، أتذكر أننا كنا نتناول إفطارنا داخل السيارة حينها ، حسام يجلس في المقعد الخلفي كالعادة طالما يسري موجود فهو يحجز المقعد بجواري دائماً ، حسام قال بعد المخرج مباشرة "حضن يا سلم عشان أرمي كيس المخلل ده" .. لم أفكر فيما يقول حسام لكن أتذكر أن يسري لم يتمالك نفسه من الضحك و عبد الحي يصيح بقوة "يحضن اييييييييييه .. هايصفوا العربية .. أجري يا سلم أجري" .. لم نكن نفهم كيف نصل للكلية خلال ثلاث دقائق فقط و هو الطريق الذي لو حالفنا الحظ لا يستغرق أقل من خمس و عشرون دقيقة .
الذكري هذه جيدة إلي هنا ، لكن بمجرد سؤال والدي عن سبب ما حدث أخبرني أن هذا له علاقة بموكب رئيس الوزراء، أحمد نظيف حينها .. الله .... بقي ..
أكمل مكان النقط :)
أصدقائي حسام و عبد الحي و يسري و بالتأكيد عبد الرحمن و حسين .. لا تعرفوا كم أنا فخور بكونكم أصدقائي ، و بكوني صديقكم :)
تعليقات
إرسال تعليق