باب مصطفي منير نحو العوالم الموازية

عندما اقول ان التناقضات تسير بصحبتي دوما.. فحتما هناك سبب ، فأنا عندما أقرأعملا أدبيا جيدا .. يختلف رد فعلي، تارة انهل رحيق الصفحات حتى أنهيها في زمن قياسي، و تارة لا افعل هذا، بل علي عكسه تماما، أطيل من زمن بقائي بين براثن الكتاب ، فلا اتجه صوب نهايته سريعا، بل أتخذ من انعدام التركيز ادعاء و وسيلة لاعادة القراءة من جديد، و الاستمرار لأطول فترة ممكنة ممسكا هذا الكتاب متنقلا به بين الغرف، متخذا اياه صديقا لتمرير الوقت بينما اجلس داخل المواصلات العامة، و هذا ما حدث مع باب.  
حالة المتعة التشويقة التي افرد لها مصطفي منير هذه المساحة فاتحا لنا بوابة نحوها، هذا التشويق المثير الذي نجح ان يحدد بذاته طريقة حياتي لفترة ليست وجيزة مانحا كفي الايمن جزءا جديدا يلتصق به تمام الالتصاق، فباب كانت بصحبتي اينما ذهبت .. 
باب للوهلة الاولى تعتقد انك امام رواية تتخذ الرعب النفسي وسيلة لارضاء مريدي الرعب، خاصة و انه فن قصصي أخذ منحنا خطيرا و مهما خلال السنوات الماضية. فلا تستطيع في البداية تحديد هل ما يحدث ها هنا يحدث حقاً أم هي خيالات الأبطال، و هنا تكمن سمة ابداعية في سرد منير - الذي عليه أن يعمل عليه ليصير أنضج من هذا في الأعمال القادمة رغم ذلك - فلم يتدخل مطلقاً بتفسيرات للمشاهد، بل كان علينا أن نعيش المغامرة مع الأبطال لنفهم، نجح منير في جعلي حبيس لعنة الباب بصحبة عادل بطل روايته. 
باب لغتها سهلة غير معقدة إطلاقاً، التعبيرات العامية الدارجة وصلت بنا في بعض الأحيان نحو الكوميديا. الرواية مليئة بالأحداث، منظمة و مرتبة بشكل شيق، أدخلنا منير دوامة زمنية ما خضناها معه مازجاً فيها الحبكة بالاثارة مانحاً القصة رونقها و التشويق و الاثارة مكانتهما المرجوة من عمل مثل باب. 
مصطفي منير في أولى تجاربه الروائية يفتح معنا باب عالم موازي يعبر منه الأشباح نحو عالمنا، و نعبر نحن خلاله نحو عالمهم المثير الملهم، النهاية التي عرضها بالرواية لم تكن نهاية تقليدية، فهي من النهايات الطبيعية تماماً، ليست نهاية الحدث لأن الحياة لا تنتهي، إنما هي فقط نهاية العقدة التي عرضها مصطفي خلال صفحات الرواية. 
باب رواية متميزة و شيقة و ممتعة، سيمر معها الوقت إما سريعاً خاطفاً، أو مثلي .. ستتعمد إطالته لتفهم كل ما يدور أمام الباب وخلفه، نجح منير في عبور البوابة الأولى نحو عالم الكتابة، من الآن سأنحى معرفتي الشخصية به جانباً، فانها لن تكون السبب في اقتناء روايتة القادمة .. 
تقييمي العام للرواية هو 4 / 5 .. 
درجة انعدام الكمال :) 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

أول عيد ميلاد في الغربة

رهف: لله مصير من سلك دربك .. صرخة أنثوية مرتفعة الصدى في وجه المجتمع.

مكتبتي #1 : الليالي الهادئة .. ميسلون هادي